إنهيار الإمبراطورية
تتبع عائلة إسكوبار
كان إسكوبار يهدد العقيد مارتينيز بأنه سيقتل كل أفراد عائلته حتى الجيل الثالث، ورغم ذلك رفض مارتينيز التراجع. كان أحد أبنائه ويدعى "هوغو" عضواً في الوحدة الخاصة للشرطة الكولومبية، وقد كان يجرب تقنية جديدة لتحديد موقع إسكوبار. لم يكن مارتينيز يريد من ابنه هوغو أن يعمل في قضية ميديلين لأن أفراد شرطتها كانوا يقتلون باستمرار بسبب مبلغ 2,000 دولار يقدمها إسكوبار، إلا أن هوغو أصر على المساعدة في التخلص من التهديد الذي تتعرض له أسرته من خلال تتبع إسكوبار عن طريق جهاز تقدمه وكالة المخابرات المركزية (CIA). خرج فريق هوغو في عربات نقل وتوقفت فوق تلال ومعهم هوائيات قد رفعت للأعلى، وصنعوا بالعربات تثليث مساحي للموقع. وبمجرد أن تلقى هوغو إشارة انطلق بسيارته السرية مسرعاً ومعه جهاز المراقبة الذي أصدر ضجيجا عندما التقط إشارة قوية. وانتهت مطاردة الإشارات دون العثور على نتيجة لأن التكنولوجيا كانت جديدة وكان الفريق يواجه صعوبة في التعود عليها.[37][40]
كانت اتصالات إسكوبار بأسرته أكثر من المعتاد بسبب تهديد لوس بيبيس. وكانوا يقيمون في مبنى حكومي بعد منعهم من مغادرة البلاد. وكان مارتينيز وابنه يعتمدون على اتصال إسكوبار بأسرته لكي يتمكنوا من تتبع المكالمات. وكان أغلب اتصاله مع ابنه "خوان بابلو". ضبطت "سنترا سبايك" و"كتلة البحث" مكالمات إسكوبار لابنه، في البداية كانت الكلمات المستخدمة مشفرة والترددات الراديوية كانت متغيرة مما سبب لهم المشاكل، قاد هوغو فريقه لكثير من المطاردات الفاشلة التي جلبت لهم الإحباط. وبمساعدة وكالة المخابرات المركزية، علم هوغو أن إسكوبار يتحدث مع ابنه مدة ساعة كل مساء، وكانت تبدأ حوالي الساعة 7:15 مساء. فك هوغو من خلال الاستماع إلى المحاورة الكلمات المستخدمة للإشارة إلى وقت تبديل الترددات. وكان مقتنعاً أن تحديد موقع إسكوبار كان خاطئا، وخسر هوغو منصبه كقائد لفريق المراقبة. لم يؤيد الجميع جهود مارتينيز، وهاجمته الصحافة بسبب التأخير في العثور على إسكوبار. وأراد النائب العام إبعاد مارتينيز ومحاكمته مع لوس بيبيس بسبب الفوضى وعمليات القتل التي اتهمهم بها إسكوبار. وفيما بعد علمت إدارة مكافحة المخدرات أن مارتينيز كان يتقاضى مرتبا من كارتل كالي. وتبين لإدارة المكافحة من أحد الواشين أن زعيم كارتل كالي غيلبرتو رودريغيز أوريجويلا يقول بأن قطاع طرق يعملون داخل كتلة البحث. وأفاد الواشي بأن رودريغيز أوريجويلا أعد ترتيبات مع الجنرال فارغاس والعقيد مارتينيز من الشرطة الوطنية الكولومبية فيما يتعلق بمكافأة القبض على إسكوبار حيا أو ميتاً، والتي تبلغ 10 ملايين دولار، وكانت حصة كتلة البحث 8 ملايين دولار و 2 مليون دولار للواشين الذين يقدمون معلومات تؤدي إلى عملية ناجحة.
عرف الأمريكيون أنه إذا تسربت هذه المعلومات فإنها ستحرج إدارة مكافحة المخدرات، لكنها تستحق المخاطرة. وضغطوا على النائب العام لإزاحة مارتينيز. وفي أكتوبر 1993، هددت الحكومة بسحب الحراس الذين يحمون أسرة إسكوبار، وتركهم تحت رحمة لوس بيبيس. طلبت زوجة إسكوبار من النائب العام إعطاءه المزيد من الوقت للاستسلام، لأنها كانت تشجعه على ذلك. في نوفمبر، تفاوض خوان بابلو مع النائب العام لاستسلام إسكوبار. وتم نقل روبرتو إسكوبار من الحجز إلى جزء من سجن إيتاجوي الذي يضم الأخوة أوتشوا وغيرهم من مهربي مديلين. عند الاستسلام، أراد إسكوبار أن يكون مقره مع روبرتو وأن يسمح لأسرته أن تزوره 21 مرة كل عام، وكان شرطه النهائي هو نقل زوجته وأطفاله خارج البلاد. ووعد النائب العام بمساعدتهم على الانتقال إلى بلد آمن، شريطة أن يستسلم إسكوبار، ووافق إسكوبار بأنه سيستسلم بمجرد انتقال عائلته إلى الخارج، وبدأ النائب العام بترتيبات نقل عائلة إسكوبار خارج البلاد. يئس الأمريكان في منع إسكوبار من الاستسلام، وحاول إسكوبار صرف انتباههم من خلال شائعات بأنه في هايتي، بينما يقوم بترتيب عائلته للسفر إلى لندن أو فرانكفورت. وكانت السلطات قد طلبت من السفراء في كل من إسبانيا وبريطانيا وألمانيا رفض دخول عائلة إسكوبار إلى بلادهم.
وفاته
في 1 ديسمبر 1993 قضى إسكوبار عيد ميلاده 44 في منزل يملكه مكون من طابقين، وكان لديه حارس شخصي واحد يدعى "ألفارو دي خيسوس أغوديلو" ويلقب (إل ليمون)، وكان ابن عمه "لوزميلا" طباخه الخاص. عندما أراد إسكوبار إجراء مكالمات هاتفية، ركب في سيارة أجرة صفراء للتمويه كان يقودها "إل ليمون"، وكانت تهنئة عيد ميلاده على الهاتف وكانت فترة اتصالاته مع عائلته أطول من المعتاد. قرر إسكوبار الاختباء في الغابة لإبعاد مطارديه عن طريقه، وكان يود توديع أمه أولاً، لكنه خشي الذهاب إلى شقتها في الصباح الباكر، وأخبرها بأنها المرة الأخيرة التي يراها في ميديلين. وكانت خطته تشكيل مجموعة جديدة وإنشاء دولة مستقلة يكون هو رئيسها. وفي 2 ديسمبر 1993، أرسل إسكوبار ابن عمه لشراء الإمدادات التي يحتاجها في الغابة، أجرى مكالمات هاتفية داخل سيارة الأجرة، خرج من سيارة أجرة وعاد إلى الشقة وهو لا يزال متصل بالهاتف، واستغرق اتصاله مدة أطول من خمس دقائق، وكانت هذه غلطة فادحة. هرع هوغو إلى فريقه، وكانت كتلة البحث تحاول تحديد موقع المنزل بدقة. تتبعت كتلة البحث وسنترا سبايك المحادثة وقادتهم إلى لوس أوليفوس، وانتظروه أن يجري مكالمة أخرى. الساعة 3 مساء، اتصل إسكوبار بابنه، ثم بدأ أعضاء كتلة البحث التفتيش من شارع إلى شارع. قاده جهاز مسح هوغو إلى مبنى مكاتب، وأصبح واثقاً بأن إسكوبار في الداخل، واقتحمت القوات المكان، ولكن إسكوبار كان لا يزال يتحدث كما لو أن شيئا لم يحدث.[37]
نظراً للوقت الذي استغرقه إسكوبار في المحادثة بالهاتف كانت معدات المسح الخاصة بهوغو تُضيّق مساحة البحث. ووصلت فرقة كتلة البحث بقيادة هوغو إلى منزل إسكوبار. توقف هوغو عن استخدام معدات المسح وبدأ في مراقبة المنازل، ولاحظ رجلاً ملتح خلف نافذة في الطابق الثاني والهاتف في يده وهو يشاهد حركة المرور. بعد ثوان اختفى الرجل في المنزل. شك هوغو في أن إسكوبار قد لاحظ سيارته البيضاء، وقال للسائق أن يستمر، واتصل هوغو بوالده يخبره بأنه وجد إسكوبار. أراد هوغو أن يغادر لأنه توقع أن عصابة إسكوبار في طريقهم إليه، لكن العقيد مارتينيز رفض أن يغادر وطلب من ابنه أن يراقب المنزل من الأمام والخلف. في ذلك الوقت سعت جميع وحدات كتلة البحث مسرعة إلى المنزل، وتوقف هوغو خلف المنزل. اقتحم ستة من أعضاء كتلة البحث وأطلقوا النار على المرآب. سمعوا من المراقبين أن "إل ليمون" هرب من خلال نافذة متسلقا سطح قرميد برتقالي، أطلق أعضاء كتلة البحث عليه النار وأردوه قتيلاً. قفز إسكوبار إلى السقف، وبقي خلف جدار يحميه. كان يريد الهرب عن طريق الشارع الخلفي، وسارع على طول الجدار وكان إطلاق النار كثيفاً من جميع جهات المنزل والذي حطم الطوب والسقف، اعتقد بعض أعضاء كتلة البحث أنهم يتعرضون لهجوم من حراس إسكوبار وطلبوا المساعدة، لكن فوجئوا بسقوط إسكوبار ميتاً، وبدأت صيحات الفرح بالنصر. يقول روبرتو في كتابه (إسكوبار) عندما كانت الشرطة تقتحم المنزل في الطابق السفلي أرسل إسكوبار "إل ليمون" ليتحقق من الأمر، لكن تم قتله، حينها صعد إسكوبار إلى السطح واكتشف أنه محاط من كل الجهات، وكان قد عاهد نفسه بعدم تسليم نفسه أو أن يسمح لهم بقتله، عندها أطلق النار على نفسه في رأسه ليحرم الحكومة من ادعائهم بأنهم قتلوه
مجرم خطير
ردحذف