عصر التنوير (المعروف أيضًا باسم «عصر المنطق» أو التنوير) هو حركة فكرية وفلسفية هيمنت على عالم الأفكار في القارة الأوروبية خلال القرن الثامن عشر.
انبثق عصر التنوير عن حركة أوروبية فكرية علمية معروفة باسم حركة «النهضة الإنسانية». يعتبر البعض كتاب الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية -الذي ألفه نيوتن عام 1687- أول الأعمال التنويرية الرئيسية. يحدد المؤرخون الفرنسيون بداية عصر التنوير بالفترة ما بين وفاة لويس الرابع عشر في فرنسا في عام 1715 واندلاع الثورة الفرنسية -في عام 1789- التي أنهت نظام الحكم القديم، بينما يحددون نهاية هذا العصر مع بداية القرن التاسع عشر. نشر الفلاسفة والعلماء في تلك الفترة أفكارهم على نطاق واسع من خلال إجراء اللقاءات العلمية في الأكاديميّات والمحافل الماسونية، والصالونات الأدبية، والمقاهي، ومن خلال الكتب المطبوعة والصحف والمنشورات. قوضت أفكار عصر التنوير السلطة الملكية وسلطة الكنيسة، ومهدت الطريق أمام الثورات السياسية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. تعود مجموعة متنوعة من الحركات الفكرية في القرن التاسع عشر، بما في ذلك الليبرالية والحركة الكلاسيكية الحديثة، بأصولها الفكرية إلى عصر التنوير.
اشتمل التنوير على مجموعة من الأفكار التي تركز على سيادة العقل والأدلة على الحواس باعتبارها مصدرًا أساسيًا للمعرفة، وعلى المثل العليا كالحرية والرقي والتسامح والإخاء والحكومة الدستورية وفصل الكنيسة عن الدولة. تضمنت المبادئ الأساسية لفلاسفة التنوير في فرنسا الحرية الفردية والتسامح الديني، مقابل الملكية المطلقة والعقائد الثابتة للكنيسة الكاثوليكية الرومانية. يتميز التنوير بالتركيز على المنهج العلمي وعلى الاختزالية فضلًا عن التشكيك المتزايد بالعقائد الدينية، وهو الموقف التي سلط عليه الفيلسوف كانت الضوء في مقالته «تجرأ على المعرفة»
عصر التنوير ونقد العقل
يذكر المؤرخون حقبة العصر اليوناني القديم وبالأخص وقت انتشار أفكار المؤلفين السفسطائيين وذلك لنقد القوانين ذات الأصول الإلهية والتجسيم الديني. ويمكن حصر التنوريين في الفيلسوف ديموقريطوس، الفلاسفة الذرييون، الفلاسفة الرواقيون والمتشككين، لا سيما أبيقور الذي يريد تحرير الناس من الخوف، الناجم عن الدين والآلهة والموت. قد أدرك لوك أن التنوير يرغب في التوفيق بين الفلسفة والفيزياء النيوتونية، مسندا للعقل تحديد إمكانياته والتي تفوق حدوده، بغض النظر عن كل الحقائق التي وجدت بطريقة بديهية أو فطرية.
ويبدو أن الإيمان بالعقل، جنبا إلى جنب مع النموذج التجريبي للعلوم النيوتونية، تجعل من الممكن إكتشاف قوانين ليس فقط للعالم الطبيعي، ولكن أيضا قوانين التطور الاجتماعي. أن الاستخدام الصحيح للعقل، يمكن أن يكون أحد وسائل التقدم غير المحدود للمعرفة والتقنيات والأخلاق: هذا الاعتقاد سوف تتناوله وتعززه المذاهب الوضعية لاحقا.
منذ البداية يعتقد التنويرين أن جزءا كبيرا من البشر، رغم أنهم أحرار، سعداء ببقائهم قصّر مدى حياة. وبهذة الحالة يعيش الإنسان في خمول وجبن، لعدم وجود الشجاعة للبحث عن الحقيقة. وفي أي حال، نتيجة للهذة الحالة من عدم الاختيار من السهل لمعظم المكرة واصحاب السلطة بناء على هذا الدليل: إذا كنت أمتلك كتاب يفكر لي، ومدير روحي يفكر لي... إذن لم أعد بحاجة للتفكير لي. لست في حاجة للتفكير، إذا كان من الممكن أن أدفع فقط...»
تعليقات
إرسال تعليق