التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مهاتما غاندي الزعيم السياسي والديني الهندي

بداية ولادته


ولد غاندي في بوربندر بولاية غوجارات الهندية من عائلة محافظة لها باع طويل في العمل السياسي، حيث شغل جده ومن بعده والده منصب رئيس وزراء إمارة بوربندر، كما كان للعائلة مشاريعها التجارية المشهورة. وقضى طفولة عادية ثم تزوج وهو في الثالثة عشرة من عمره بحسب التقاليد الهندية المحلية ورزق من زواجه هذا بأربعة أولاد.
وفي لندن حيث درس القانون، أصبح غاندي نباتياً. كما أنه اكتشف المسيحية، وقرأ الإنجيل بتمعن شديد مستلهماً منه دروساً ومواعظ كثيرة في الأخلاق وفي السياسة. وعن الفترة التي أمضاها غاندى في جنوب أفريقيا يقول حفيده راجموهان :عاش جدي في أفريقيا الجنوبية عشرين عاماً ومنذ وصوله إلى هناك، وجد نفسه مجبراً على مواجهة العنصرية، وثمة حادث لا يزال ماثلاً في ذاكرة الهنود؛ حدث ذلك في القطار يوم 21 مايو 1893 وكان غاندي في الرابعة والعشرين من عمره آنذاك، وكان من ركاب الدرجة الأولى، غير عارف بأن القوانين العنصرية تحرّم عليه ذلك؛ وقد قام أحد الركاب البيض بالتبليغ عنه. وبالرغم من أن غاندي كان قد دفع ثمن تذكرته، وكان يرتدي بدلة ثمينة، فإنه طرد بالقوة من عربة الدرجة الأولى. الشعور بالإذلال والمهانة الذي انتابه جراء ذلك الحادث هو الذي دفعه إلى النضال من أجل حقوق الهنود الذين كانوا كثيرين في جنوب أفريقيا في ذلك الوقت. ولكن كيف يتخلص من الاحتلال؟ البعض نصحوه بضرورة اللجوء إلى الكفاح المسلح. غير أنه رفض ذلك رفضاً قاطعاً. ولعل قراءته لأعمال الروائي الروسي العظيم تولستوي هي التي "أنقذته من داء العنف" كما سيذكر ذلك فيما بعد. لذا دعا إلى النضال بالطرق السلمية، وأسس حزباً، وأصدر جريدة حملت اسم"رأي الهند" وشيئا فشيئاً أصبح مناضلا سياسياً معروفاً، ومحاميا ناجحاً!". ولكن لماذا اختار غاندى النضال السلمي؟ عن هذا السؤال يجيب راجموهان غاندي قائلاً: "لقد تأثر جدي كثيراً بأفكار الكاتب الأمريكي دافيد تورو، صاحب فكرة "العصيان المدني". ومثله، كان يعتقد أن المواطنين لهم الحق والواجب في عصيان القوانين اللاأخلاقية. وفي النهاية كان غاندي يرى أن النضال السلمي هو التكتيك النضالي الوحيد المحتمل ضد الإمبراطورية. فقد كان يعلم أن كل حركة مسلحة في مواجهة القوة العسكرية البريطانية مآلها الفشل.

موقفه من الإحتلال البرطاني



تميزت مواقف غاندي من الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية في عمومها بالصلابة المبدئية التي لا تلغي أحياناً المرونة التكتيكية، وتسبب تنقله بين المواقف القومية المتصلبة والتسويات المرحلية المهادنة حرجاً مع خصومه ومؤيديه وصل أحيانا إلى حد التخوين والطعن في مصداقية نضاله الوطني من قبل المعارضين لأسلوبه، فعلى سبيل المثال تعاون غاندي مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد دول الوسط، وشارك عام 1918 بناءً على طلب من الحاكم البريطاني في الهند بمؤتمر دلهي الحربي، ثم انتقل للمعارضة المباشرة للسياسة البريطانية بين عامي 1918 و1922 وطالب خلال تلك الفترة بالاستقلال التام للهند. وفي عام 1922 قاد حركة عصيان مدني صعدت من الغضب الشعبي الذي وصل في بعض الأحيان إلى صدام بين الجماهير وقوات الأمن والشرطة البريطانية، مما دفعه إلى إيقاف هذه الحركة. ورغم ذلك حكمت عليه السلطات البريطانية بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه في عام 1924.

حزنه على تقسيم الهند


بانتهاء عام 1944 وبداية عام 1945 اقتربت الهند من الاستقلال، وتزايدت المخاوف من الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تقسيمها إلى دولتين بين المسلمين والهندوس، وحاول غاندي إقناع محمد علي جناح الذي كان على رأس الداعين إلى هذا الانفصال بالعدول عن توجهاته لكنه فشل.
وتم ذلك بالفعل في 16 أغسطس/آب 1947، وما إن أعلن تقسيم الهند حتى سادت الاضطرابات الدينية عموم الهند وبلغت من العنف حداً تجاوز كل التوقعات فسقط في كلكتا وحدها على سبيل المثال ما يزيد عن خمسة آلاف قتيل. وقد تألم غاندي لهذه الأحداث واعتبرها كارثة وطنية، كما زاد من ألمه تصاعد حدة التوتر بين الهند وباكستان بشأن كشمير، وسقوط العديد من القتلى في الاشتباكات المسلحة التي نشبت بينهما عام 1947/1948، وأخذ يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين طالباً بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة.

إغتياله



لم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه.
وبالفعل، في 30 يناير سنة 1948 أطلق أحد الهندوس المتعصبين ويدعى ناثورم جوتسى ثلاث رصاصات قاتلة سقط على إثرها المهاتما غاندي صريعاً عن عمر يناهز 78 عاماً. تعرض غاندي في حياته لستة محاولات لاغتياله، وقد لقي مصرعه في المحاولة السادسة. وقال غاندي قبل وفاته جملته الشهيرة: (سيتجاهلونك ثم يحاربونك ثم يحاولون قتلك ثم يفاوضونك ثم يتراجعون، وفي النهاية ستنتصر).

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الضفة الغربية وقطاع غزة

نشأت المناطق المسماة بالضفة الغربية وقطاع غزة كنتيجة لإنسحاب  القوات البريطانية  من فلسطين ونتائج  حرب 1948 ، حيث أنها تمثل المناطق التي لم تسيطر عليها القوات الصهيونية في تلك الحرب، وتشكل تلك المناطق داخل  حدود فلسطين الإنتدابية  التي لم تصبح ضمن حدود  دولة إسرائيل  الوليدة آنذاك، حيث خضعت  الضفة الغربية  للسيطرة  الأردنية  وخضع  قطاع غزة  لإدارة مصرية حتى  نكسة عام 1967  حيث سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب أراضي أخرى. منذ عام 1994 وضمن  إتفاقيات أوسلو  الموقعة بين  إسرائيل   ومنظمة التحرير الفلسطينية ،  خضعت أجزاء واسعة من المدن الفلسطينية لحكم ذاتي فلسطيني ، وتظل إسرائيل تسيطر على مساحات واسعة من الضفة الغربية. كذلك كان الأمر في قطاع غزة حتى  الإنسحاب الاسرائيلي الاحادي الجانب من قطاع غزة عام 2005  لتصبح أراضي قطاع غزة تحت السيطرة الفلسطينية. وفي عام 2007، وكنتيجة لصراع على السلطة بين حركتي  فتح   وحماس  عقب إنتخابات رئاسية وبرلمانية أفرز...

نبذة عن فلسفة الإمام الغزالي

كانت  الفلسفة  في عصر أبي حامد الغزالي قد أثرت في تفكير الكثيرين من أذكياء عصره وسلوكهم، وأدى ذلك إلى التشكيك في الدين الإسلامي والانحلال في الأخلاق، والاضطراب في السياسة، والفساد في المجتمع.فتصدّى أبو حامد الغزالي لهم بعد أن عكف على دراسة  الفلسفة  لأكثر من سنتين، حتى استوعبها وفهمها، وأصبح كواحد من كبار رجالها، يقول عن نفسه: «ثم إني ابتدأت بعد الفراغ من  علم الكلام  بعلم  الفلسفة ، وعلمت يقيناً أنه لا يقف على فساد نوع من العلوم، من لا يقف على منتهى ذلك العلم، حتى يساوي أعلمهم في أصل ذلك العلم.. فشمرت عن ساق الجد في تحصيل ذلك العلم من الكتب.. ثم لم أزل أواظب على التفكر فيه بعد فهمه قريباً من سنة أعاوده وأردده وأتفقد غوائله وأغواره، حتى اطَّلعت على ما فيه من خداع، وتلبيس وتحقيق وتخييل، واطلاعاً لم أشك فيه»، وألّف في ذلك كتابه " مقاصد الفلاسفة " مبيّناً منهجهم. ثم بعد ذلك وصل إلى نتيجته قائلاً: «فإني رأيتهم أصنافاً، ورأيت علومهم أقساماً وهم - على كثرة أصنافهم - يلزمهم وصمة الكفر والإلحاد، وإن كان بين القدماء منهم والأقدمين، وبين الأواخر منهم و...

Chigivara ☠️

كن واقعياً واطلب المستحيل! [181] إذا لم يجد الإنسان شيئاً في الحياة يموت من أجله ، فإنه أغلب الظن لن يجد شيئاً يعيش من أجله اذا كنت تسخط على كل ظالم فأنت رفيقي! أنا لا أملك وطناً لأحارب من أجله، فوطني هو الحق وكثيراً ما قرأتُ لأفهمَ نفسي لأفسّر تجاربي, قد أفشل لكن لا يجب أن يتكرر الأمر. لو طبقنا مبدأ العين بالعين، والسن بالسن، وظللنا نهتف للثأر، سنصل لمرحلة نأكل فيها قلوب بعضنا البعض! الأمر الوحيد الذي يكبح ولع الشباب بزي أو تصرف ما ، هو تبني الكبار لهذا الزي أو ذلك التصرف. كنت أتصور أن الحزن يمكن أن يكون صديقًا , لكنني لم أكن اتصور أن الحزن يمكن أن يكون وطنا نسكنه ونتكلم لغته ونحمل جنسيته! لا تصمت عن الحق وسترى كيف سيكرهك الجميع! أعظم متعه في هذه الحياة هي فعل ما قال الناس عنه أنك لا تستطيع أن تفعله. علموا أولادكم أن الوطن هو الشرف، هو البيت وهو الحياة، علموهم أننا كُنا جُبناء وأن يكونوا هُم أقوياء، علموهم أنّ الحضارة هي الأم, والأنثى هي... البداية لا تكون أبداً سهلة بل في غاية الصعوبة. قد يكون من السهل نقل الإنسان من وطنه، ولكن من الصعب نقل وطنه منه. ...